لله عتقاء من النار في رمضان في كلّ يوم وليلة كما بشّرنا رسوله صلى الله عليه وسلّم ، ولذلك فإن فعل الخير و إخلاص العبادات وإحسانها في هذه الأيام والليالي لا ينبغي أن يفرِّط فيها عاقل حريص على ما ينفعه،فمن منّا لا يريد أن يكون من عتقاء الله من النار في هذه الليلة قبل ليلة الغد، ومن منّا لا يرجو أن يُكتب اسمه عند ربّه مع السعداء والناجين من العذاب؟...ولكن، قد نجتهد في العبادة، ونُكثرُ الدعاء، ونرتّلُ القرآن ترتيلا وندعو الله ساعة إفطارنا أن يجعلنا من عتقاءه ثمّ نُحرَم ما رجونا والعياذ بالله دون أن ننتبه إلى السبب الذي جعلنا لا نلتحق بزمرة الذين يُكرمُهم الله بكرمه ويرحمهم برحمته، والذي قد لا يكون أكثر من قطعة خبز يقضمها أحدنا حين فطره ثم لا يُكملُها لتصير إلى الرمي في القمامة، أو صحنِ يملأه بما يزيد عن حاجته ثم يتخلّص مما بقي منه بما لا يليق بنعمة الله...
إنّ التبذير عند العلماء هو صرفُ الشيئ فيما ينبغي لكن بزيادةٍ على ما ينبغي، و إنّ الإسراف هو صرفُه أصلا فيما لا ينبغي، و إنّ الصائم الذي يشتري من الطعام ما لا حاجة له به ويطبخ من الأكل ما ليس بآكله، صائمٌ مبذر لأنه يصرف نعمة الله بزيادة على ما ينبغي له أن يصرفه ، و إنّ الصائم الذي يرمي الطعام المتبقي في المزابل ( حاشا النعمة لعزيزة) صائمٌ مُسرف لأنه يصرف ما أنعم الله عليه في غير محلّ صرفه بينما النعمة وُجدت لتُأكل ويُنتفع بها وتُصدّق ويُرفق بها بالحيوانات لا لتًُرمى في المزابل وعلى الطرقات، والله سبحانه وتعالى لا يحبّ المُسرفين، والمبذرون إخوان للشياطين فهل يكون المُسرف والمبذر من عتقاء الله من النار؟...ما أسوأه من حرمانٍ أن تأتي الملائكة لتكتبك من عتقاء الله من عذابه بعد نهار صيام وعبادة وإخلاص ورجاء ثم تجدك وقد كُتبت عند ربّك في ذلك اليوم مع المبذرين أو مع المسرفين أو مع كلاهُما والعياذ بالله...وما أسهله من عمل يُنجينا من هذا الحرمان، وما أبسطه وما أجمله من سلوك ننتهجه في يومياتنا الرمضانية وغيرها، لو نحرص على الإتزان فيما نشتري وما نطبخ، فلا نبذّر ولا نُسر حتى نُحرَم جوائزنا اليومية الغالية النفيسة في هذا الشهر الفضيل...
الله إنّا نسألك أن تجعلنا الليلة من عتقاءك من النار.